فصل: تفسير الآيات (2- 7):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المنتخب في تفسير القرآن



.تفسير الآيات (118- 123):

{وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (118) ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (119) إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120) شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (121) وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (122) ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (123)}
118- ولم تحرم إلا على اليهود- وحدهم- ما قصصناه عليك- أيها النبى- من قبل نزول هذه الآيات، وهو كل ذى ظفر، وشحوم البقر والغنم، إلا ما حملت ظهورها، أو الحوايا أو ما اختلط بالعظام. وما ظلمناهم بهذا التحريم، ولكنهم الذين ظلموا أنفسهم، لتسببهم فيه بسبب تماديهم وشراهتهم وعدم وقوفهم عند الحلال.
119- ثم إن الذين عملوا السوء تحت تأثير طيش وغفلة عن تدبر العواقب، ثم تابوا من ذلك الذنب، وأصلحوا نفوسهم وأعمالهم، فإن ربك- أيها النبى- يغفر لهم ذنوبهم، لأنه- سبحانه- بعد هذه التوبة كثير التجاوز عن السيئات، واسع الرحمة بالعباد.
120- إن إبراهيم الذي تفخرون به- أيها المشركون أنتم واليهود- كان جامعا لكل الفضائل، بعيدا عما أنتم عليه من باطل، خاضعاً لأمر ربه ولم يكن مثلكم مشركا به.
121- وكان شاكرا لنعم ربه عليه، ولهذا كله اختاره اللَّه لحمل رسالته، ووفقه لسلوك طريق الحق المستقيم الموصل للنعيم الدائم.
122- وجعلنا له في الدنيا ذكرا حسنا على كل لسان، وسيكون قطعا في الآخرة في زمرة الصالحين المنعَّمين بجنات اللَّه ورضوانه.
123- ثم أوحينا إليك- أيها النبى- بعد إبراهيم بقرون عديدة، وأمرناك باتباع إبراهيم فيما دعا إليه من التوحيد والفضائل والبعد عن الأديان الباطلة، فإنه لم يكن من الذين يشركون مع اللَّه آلهةً أخرى كما يزعم هؤلاء المشركون.

.تفسير الآيات (124- 126):

{إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (124) ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125) وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (126)}
124- وليس تعظيم يوم الجمعة، وترك تعظيم يوم السبت في الإسلام مخالفاً لما كان عليه إبراهيم كما يدعى اليهود، فإن تحريم الصيد يوم السبت احتراماً له لم يكن من شريعة إبراهيم، وإنما فرض على اليهود فقط، ومع ذلك لم يحترموه بل خرج بعضهم على هذا التعظيم، وخالفوا أمر ربهم فكيف يعيبون على غيرهم ممن لم يكلف بتعظيمه عدم تعظيمه، مع أنهم- وهم المكلفون بذلك- خرجوا عليه؟ وتأكد- أيها النبى- أن ربك سيقضى بينهم يوم القيامة في الأمور التي اختلفوا فيها، ويجازى كلا منهم بعمله.
125- أيها النبى: ادع إلى طريق الحق الذي شرعه ربك مع قومك، واسلك في دعوتهم الطريق الذي يناسب كل واحد منهم، فادع خواصهم ذوى المدارك العالية بالقول الحكيم المناسب لقولهم، وادع عوامهم بما يناسبهم من إيراد المواعظ، وضرب الأمثال التي توجههم إلى الحق، وترشدهم من أقرب طريق مناسب لهم، وجادل أصحاب الملل السابقة من أهل الكتب بالمنطق والقول اللين، والمجادلة الحسنة التي لا يشوبها عنف ولا سِبَاب حتى تتمكن من إقناعهم واستمالتهم. هذا هو الطريق لدعوة الناس إلى اللَّه على اختلاف ميولهم، فاسلك هذا الطريق معهم، واترك أمرهم بعد ذلك إلى ربك الذي يعلم من غرق في الضلال منهم وابتعد عن طريق النجاة، من سلم طبعه فاهتدى وآمن بما جئت به.
126- وإن أردتم عقاب من يعتدى عليكم- أيها المسلمون- فعاقبوه بمثل ما فعل بكم، ولا تتجاوزوا هذا المثل، وتأكدوا لو صبرتم، ولم تقتصوا لأنفسكم، لكان خيرا لكم في الدنيا والآخرة، فعاقبوا لأجل الحق، ولا تعاقبوا لأجل أنفسكم.

.تفسير الآيات (127- 128):

{وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (127) إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (128)}
127- واصبر أنت- أيها النبى- فإن ذلك يسهل عليك كثيرا من مشقات الحياة، ويعالج مشاكلها، ولا تحزن على عدم استجابة قومك لدعوتك، وإيمانهم بك، ولا يضق صدرك من مكرهم وتدابيرهم لخنق دعوتك، فإنك لن يضرك شيء من فعلهم، وقد أديت ما عليك واتقيت ربك.
128- فإن ربك مع الذين اتقوا غضب الله باجتناب نواهيه، وأحسنوا لله أعمالهم بالإقبال على طاعته، يعينهم وينصرهم في الدنيا ويجزيهم خير الجزاء في الآخرة.

.سورة الإسراء:

.تفسير الآية رقم (1):

{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1)}
1- تنزيهاً لله عما لا يليق به، وهو الذي سار بعبده محمداً في جزء من الليل من المسجد الحرام بمكة إلى المسجد الأقصى ببيت المقدس، الذي بارك الله حوله لسكانه في أقواتهم، لِنُريَه من أدلتنا ما فيه البرهان الكافى على وحدانيتنا وعظم قدرتنا، إن الله- وحده- هو السميع البصير.

.تفسير الآيات (2- 7):

{وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا (2) ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا (3) وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7)}
2- وأن بيت المقدس كان يسكنه بنو إسرائيل من بعد موسى، حتى أفسدوا فيه، فشُرِّدُوا منه من قبل، مع أننا أعطينا موسى التوراة، وجعلنا فيها هداية لهم، وقلنا لهم: لا تتخذوا غير الله معبوداً تفوضون إليه أموركم.
3- أنتم- أيها الإسرائيليون- ذرية المخلصين الذين كانوا مع نوح في الفلك بعد إيمانهم، ونجيناهم من الغرق. اجعلوا نوحاً قدوتكم كما جعله أسلافكم، فإنه كان عبداً كثير الشكر لله على نعمته.
4- وأنفذنا بقضائنا إلى بني إسرائيل فيما كتبناه في اللوح المكنون أنهم يُفْسدون في بيت المقدس لا محالة مرتين، في كل مرة منهما كان الظلم والطغيان، وترك أحكام التوراة، وقتل النبيين، والتعاون على الإثم. وأنه ليبسط سلطانكم وتعلون مستكبرين ظالمين.
5- فإذا جاء وقت عقاب أولاهما سلَّطنا عليكم بسبب إفسادكم عباداً لنا أصحاب بطش شديد، فأخذوا يسيرون في داخل الديار، لم يتركوا جزءا منها ليقتلوكم، وكان وعد العقاب وعداً لابد أن يكون.
6- ثم لما استقام أمركم، واهتديتم، وجمعتم شملكم، ورجعتم عن الفساد، رددنا لكم الغلبة على الذين بعثوا عليكم، ورزقناكم أموالاً وبنين، وجعلناكم أكثر مما كنتم عددا.
7- وقلنا لهم: إن أحسنتم فأطعتم الله كان إحسانكم لأنفسكم في الدنيا والآخرة، وإن أسأتم بالعصيان فإلى أنفسكم تسيئون. فإذا جاء وقت عقاب المرة الآخرة من مَرَّتى إفسادكم في الأرض، بعثنا عليكم أعداءكم، ليجعلوا آثار المساءة والذلة والكآبة بادية على وجوهكم، وتكون العاقبة أن يدخلوا مسجد بيت المقدس، فيخربوه كما دخلوه وخربوه أول مرة، وليهلكوا ما غلبوا عليه إهلاكاً شديداً.

.تفسير الآيات (8- 13):

{عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا (8) إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9) وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (10) وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا (11) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا (12) وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (13)}
8- عسى ربكم أن يرحمكم بعد المرة الثانية إن تبتم، وإن عدتم إلى الفساد عدنا إلى العقوبة، وجعلنا جهنم للكافرين سجناً ومحبساً.
9- إن هذا القرآن يرشد الناس للسبيل التي هي أقوم السبل وأسلمها في الوصول إلى السعادة الحقيقية في الدنيا، ويبشر المؤمنين بالله ورسوله الذين يُذعنون للحق ويعملون الأعمال الصالحات بالأجر العظيم يوم القيامة.
10- وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة أعددنا لهم في جهنم عذاباً شديد الألم.
11- وأن في طبع الإنسان تعجلاً في الحكم على ما يقع من الناس، وفى أقواله وأفعاله، فهو يسارع بالدعوة إلى الشر مسارعته في الدعوة إلى الخير، ويسارع في دعاء الله- تعالى- بأن ينزل الشر على من يبادر بالغضب عليه مسارعته بالدعاء له بالخير.
12- وجعلنا الليل والنهار بهيئاتهما وتعاقبهما علامتين دالتين على وحدانيتنا وقدرتنا فأزلنا من الليل الضوء فلا يستبان فيه شيء، وكانت علامته ظلاماً لا تسرى فيه الشمس، تلك العلامة الكبرى، وجعلنا النهار مبصراً، وترى فيه الشمس الآية الكبرى لتتجهوا في ضوء النهار إلى التصرف في معاشكم، ولتعلموا باختلاف الليل والنهار عدد السنين وحساب الأشهر والأيام، وكل شيء لكم فيه مصلحة بيَّناه لكم بياناً واضحاً، لتقوم عليكم الحُجة بعد تمام النعمة.
13- وألزمنا كل إنسان عمله لزوم القلادة للعنق، ونخرج له يوم القيامة كتاباً فيه أعماله، يلقاه مفتوحاً، ليسرع في قراءته.

.تفسير الآيات (14- 19):

{اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14) مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (15) وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (16) وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (17) مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (18) وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19)}
14- ويقال له: اقرأ بقدرة الله- ولو لم يكن في الدنيا قارئاً- كتاب أعمالك تكفيك نفسك اليوم حاسبة ومحصية عليك عملك.
15- من اتبع طريق الحق فإنما ينفع نفسه، ومن حاد عنه فإنما إثم ضلاله على نفسه، ولا تتحمل نفس مذنبة فوق ذنبها ذنب نفس أخرى، وما صح لنا أن نعذب أحداً على فعل شيء قبل أن نبعث إليه رسولاً من لدنا يهدى إلى الحق ويردع عن الباطل.
16- وإذا قدَّرنا في اللوح المحفوظ إهلاك أهل قرية حسب اقتضاء حكمتنا سلَّطنا المترفين فيها فأفسدوا فيها، وخرجوا عن جادة الحق، وأتبعهم غيرهم من غير أن يتبينوا، وبذلك يحق عليها كلها العقاب، فندمرها تدميراً شديداً.
17- وكثيراً من أهل القرون من بعد نوح أهلكناهم بتمردهم على أنبيائهم، ويكفيك بيان ربك وإعلامه، لأنه العالم بكل شيء علماً دقيقاً كعلم من يبصر، وهو الخبير بذنوب عباده البصير بها، فلا يخفى عليه أفعال أحد من العباد وسيجازيهم بما يستحقون.
18- مَنْ كان يطلب متاع الدنيا العاجلة ويعمل له متخذا الأسباب، ولا يوقن بميعاد، ولا ينتظر جزاء الدار الآخرة، عجَّلنا له في الدنيا ما نشاء تعجيله من البسط والسعة، وكان هذا لمن نريد التعجيل له، ثم أعددنا له في الآخرة جهنم يقاسى حرها، وهو مذموم بما قدم، هالك مطرود من رحمة الله.
19- ومن أراد بعمله الآخرة، ولها عمل، وهو مصدق بالله وجزائه، فأولئك كان عملهم مقبولاً عند الله ينالون الثواب عليه.

.تفسير الآيات (20- 26):

{كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا (20) انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا (21) لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا (22) وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24) رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا (25) وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26)}
20- وإنا نمد كلا الفريقين إذا اتخذوا الأسباب من عطاء ربك في الدنيا، وما كان عطاء ربك فيها ممنوعاً من أحد، مؤمناً كان أو كافراً، ما داموا قد اتخذوا الأسباب.
21- انظر بعين الاعتبار كيف فضَّلنا بعض عبادنا على بعض في المال والحياة والسعة، إذا اتخذوا أسباب ذلك في الدنيا لحكمة نعلمها، وأن تفاوتهم في الدار الآخرة أكبر درجات من تفاوتهم في الدنيا، فينبغى الاعتناء بها، فالآخرة هي التي تكون فيها الرفعة الحقيقية والتفاضل الحقيقى.
22- لا تجعل- أيها المكلف- مع الله شريكاً فتصير موصوماً بالإهانة، ويكون الخذلان مكتوباً عليك.
23- وحكم ربك بألا تعبدوا إلا إياه، وبأن تبروا الوالدين براً تاماً، وإذا بلغ الوالدان أو أحدهما عندك- أيها المخاطب- حال الضعف وصارا في آخر العمر فلا تتأفف لما يصدر منهما بصوت يدل على الضجر، ولا تزجرهما، وقل لهما قولا جميلا ليِّنا فيه إحسان وتكريم لهما.
24- وَأَلِنْ لهما جانبك وتواضع لهما وكن شفيقاً عليهما، وقل في شأنهما: رب ارحمهما كما رحمانى حين ربيانى صغيرا.
25- ربكم- أيها الناس- أعلم منكم بما في ضمائركم، ويحاسبكم عليه بالثواب أو العقاب، فإن تكونوا قاصدين الصلاح فاعلين له ثم كانت منكم هفوة ثم أنبتم إلى الله فإن الله- سبحانه- يغفر لكم، لأنه دائم المغفرة للراجعين إليه.
26- وأعط ذا القربى حقه من البر والصلة، وذا الحاجة المسكين، والمسافر الذي انقطع عن ماله، حقهما من الزكاة والصدقة، ولا تبعثر مالك في غير المصلحة تبذيراً كثيراً.